حياءه صلى الله عليه وسلم

الـــحـــيـــــاء

إذا قل ماء الوجه قل حياءه ولا خير في وجه إذا قل ماءه
حياءك فأحفظه عليك فإنما يدل على فعل الكريم حياءه

الحياء خلق عظيم وهو من خصال الإيمان وحسن الإسلام وبه يكون هجر المعصية خجلاً من الله سبحانه والإقبال على الطاعة بوازع حب الله عز وجل وهو يكسو المرء الوقار فلا يفعل ما يُخجل وهو دليل كرم السجية وطيب المنبت .

وهو صفة من صفات الأنبياء والصحابة والتابعين ويعد صاحبها من المحبوبين من الله ومن الناس وهو أصل كل شعب الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم Sad

الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان )

فالمستحيي ينقطع عن المعاصي فصار الحياء كالإيمان الذي يقطع عنها ويحول بين المؤمن وبينها .

والحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به وهو خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق وهو الترقي عن المساوئ . وضده الوقاحة .

والحياء من صفات الله سبحانه وتعالى قال صلى الله عليه وسلم Sad

إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعوه أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء ) وحياء الله من عباده حياء كرم وبر وجود فإنه يستحي أن يعذب شيبة شاب في الإسلام ويستحي أن يدعوه عباده فيردهم صفراً .

ومن الحياء ما هو غريزة ومنه مكتسب وقد يتطبع الشخص بالمكتسب حتى يصير كالغريزي وقد جمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم النوعين ففي الغريزي كان أشد حياء من العذراء في خدرها وفي المكتسب كان في الذروة العليا .

فالحياء الذي هو من الإيمان يحتاج إلى كسب ونية وعلم .
وكما قال ابن القيم رحمه الله : من عقوبة المعاصي ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب .

وهو أصل كل خير وذهابه ذهاب للخير كله ومن لا حياء فيه ميت في الدنيا شقي في الآخرة ومن استحيا من الله عند معصيته استحيا الله من عقوبته ومن لم يستحي من معصيته لم يستح الله من عقوبته .

وللحياء عشرة أقسام : منه حياء الجناية وهو حياء آدم من ربه عندما فر هارباً في الجنة .
وحياء التقصير كحياء الملائكة يوم القيامة .
وحياء الإجلال ويكون على حسب معرفة العبد بربه .
وحياء الكرم كحياء الرسول صلى الله عليه وسلم من قومه .
وحياء الحشمة . وحياء الاستحقار واستصغار النفس . وحياء المحبة . وحياء العبودية . وحياء الشرف والعزة .

وأما حياء المرء من نفسه فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة وهو أكمل ما يكون من الحياء فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر .
وهو لا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

ويحصل الحياء من امتزاج التعظيم بالمودة فإذا اقترنا تولد بينهما الحياء .
وهو من أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدراً وأكثرها نفعاً ولو لا هذا الخلق لم يُقرى الضيف ولم يوف بالوعد ولم تؤدى أمانة ولم تقضا لأحد حاجة ولا تحرى الرجل الجميل فأثرة والقبيح فتجنبه
ولو لاه لم يرع المخلوق حقاً ولم يصل له رحماً ولا بر له والداً .
فإن للنفس أمرين وزاجرين : الحياء والهوى فمن لم يطع حياءه أطاع هواه .
وكما قال صلى الله عليه وسلم Sad

إن لكل دين خُلق وخُلق الإسلام الحياء ) .

وقد كان الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه شديد الحياء فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استأذن عليه فجلس وسوى ثيابه Sad