حلمه صلى الله عليه وسلم

الـــحــلــم

يخاطبني السفيه بكل قبح *** فأكره أن أكون له مجيب
يزيد سفاهة فأزيد حــلــم *** كعود زاده الإحراق طيب

الحلم خلق رفيع وهو خلاف الطيش هو السكينة والتأني عند الغضب مع قدرة وقوة
والحليم من أسماء الله سبحانه فهو جل في علاه يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة لأمره ومع ذلك لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة للانتقام مع غاية الإقتدار عجلة ولا طيش كما قال سبحانه : ( لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة )
ويقال:حلم فلان عن فلان إذ لم يقابله على إساءته ولم يجازه عليها فالله تعالى حليم عن عباده لأنه يعفو عن كثير من الإساءات ويمهل العصاة فلا يعجل بالعقوبة والانتقام ويقبل توبة من تاب منهم .

والحلم ضبط النفس عند شدة الغضب ومنه ما يكون سجيه وطبع ومنه ما يكون تجربة وتكلف ومن ما يكون منهما معاً .
وله درجات أولها المعرفة ثم التثبت ثم العزم ثم التصبر ثم الصبر ثم الرضا ثم الصمت .

والناس بالنسبة للمرء ضروب ثلاث: رجل أعز منك،ورجل أنت أعز منه،ورجل ساواك في العزة .
فالتجاهل عمن أنت أعز منه لؤم ، وعلى من هو أعز منك جنف ، وعن من هو مثلك نقار كنقار الديكين .
ولا يوجد هذا التجاهل وترك التحلم إلى من السفهاء وقد قيل:
ما تم حـلـم ولا علم بلا أدب *** ولا تجاهل في قوم حـلـيمـينا
وما التجاهل إلى ثوب ذي دنس *** وليس يلبسه إلى السفيهينا
فالواجب على العاقل إذا غضب أن يتذكر كثرة حلم الله عنه ولا يدخله غضبه في أسباب المعصية .

والحلم على ضربين: أحدها ما يرد على النفس من قضاء الله من المصائب فالعاقل يصبر ويحلم والآخر ما يرد على النفس بضد ما تشتهيه من المخلوقين .
فمن تعود الحلم لا يحتاج إلى التصبر فالحلم بالتحلم وهو من أشرف الأخلاق لما فيه من سلامة العرض وراحة الجسد وإجتلاب الحمد .

وللحلم أسباب منها الرحمة بالجهلاء والرفق بهم مع القدرة على الانتصار والترفع عن السباب وذلك من سعة الصدر وحسن الثقة وشرف النفوس وعلو الهمة .

وهو أفضل من كضم الغيظ لأن كضم الغيظ هو التحلم ولو تعود المرء ذلك صار حليم الطبع وهو دلالة كمال العقل وسعة الصدر ويكسب محبة الله ورضوانه وقليل من الخلق من يتصف به وهو من صفات الله سبحانه وتعالى وصفات أوليائه وهو خلق عظيم يزيل البغض ويمنع الحسد ويستحق صاحبه الدرجات العلى والجزاء الأوفى وهو سيد الأخلاق .

وقد روي أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب) و قال لقمان الحكيم: ثلاثة لا يعرفون إلى عند ثلاث: لا يعرف الحليم إلى عند الغضب ، ولا الشجاع إلى عند الحرب ، ولا الأخ إلى عند الحاجة إليه .

ومن حلمه صلى الله عليه وسلم بقومه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال : ( لقد لقيت من قومي ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ليل وابن عبد كلاب فلم يجبني أحد فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أضلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فناداني ملك الجبال فقال : يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً )

صدق الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
		1	2	3	4	5
6	7	8	9	10	11	12
13	14	15	16	17	18	19
20	21	22	23	24	25	26
27	28	29	30	31