دخول
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الفهرس
قائمة الاعضاء
البيانات الشخصية
س .و .ج
ابحـث
سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
ريـــمــاس قـــــلــــــب الألــــمــــاس :: ][||ioi||][الأقسـام الإسـلاميـة ][||ioi||][ :: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
أحوال العرب قبل الإسلام
كان العرب في شبه
الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم يعبدون الأصنام من
دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، وهي أحجار لا
تضر ولا تنفع، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا.
ومن عجيب أمرهم أن أحدهم كان يشتري العجوة، ويصنع منها صنمًا، ثم يعبده
ويسجد له، ويسأله أن يحجب عنه الشر ويجلب له الخير، فإذا شعر بالجوع أكل
إلهه!! ثم يأخذ كأسًا من الخمر، يشربها حتى يفقد وعيه، وفي ذلك الزمان
كانت تحدث أشياء غريبة وعجيبة، فالناس يطوفون عرايا حول الكعبة، وقد
تجردوا من ملابسهم بلا حياء، يصفقون ويصفرون ويصيحون بلا نظام، وقد وصف
الله -عز وجل- صلاتهم فقال: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} [الأنفال:35].
وكانت الحروب تقوم بينهم لأتفه الأسباب، وتستمر مشتعلة أعوامًا طويلة
فهذان رجلان يقتتلان، فيجتمع الناس حولهما، وتناصر كل قبيلة صاحبها، لم
يسألوا عن الظالم ولا عن المظلوم، وتقوم الحرب في لمح البصر، ولا تنتهي
حتى يموت الرجال، وانتشرت بينهم العادات السيئة مثل: شرب الخمر، وقطع
الطرق والزنا.
وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي في اعتقادهم
عار كبير عليهم أن يتخلصوا منها، فكان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى؛ حزن
حزنًا شديدًا. قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو
كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب
ألا ساء ما يحكمون} _[النحل: 58-59] وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي
حية، وهي العادة التي عرفت عندهم بوأد البنات.
فهذا رجل يحمل طفلته ويسير بها إلى الصحراء فوق الرمال المحرقة، ويحفر
حفرة ثم يضع ابنته فيها وهي حية، ولا تستطيع الطفلة البريئة أن تدافع عن
نفسها؛ بل تناديه: أبتاه .. أبتاه .. فلا يرحم براءتها ولا ضعفها، ولا
يستجيب لندائها.. بل يهيل عليها الرمال، ثم يمشي رافعًا رأسه كأنه لم يفعل
شيئًا!! قال تعالى: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} [التكوير: 7-8]
وليس هذا الأمر عامًا بين العرب، فقد كانت بعض القبائل تمنع وأد البنات.
وكان الظلم ينتشر في المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغني لا يعطف على
الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض
الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد فقرًا، ويزداد الغني ثراء، وكانت
القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، وهم لا يخضعون لقانون منظم، ومع كل هذا
الجهل والظلام في ذلك العصر المسمى بالعصر الجاهلي، كانت هناك بعض الصفات
الطيبة
والنبيلة؛ كإكرام الضيف، فإذا جاء ضيف على أحدهم بذل له كل ما عنده، ولم
يبخل عليه بشىء، فها هو ذا حاتم الطائي لم يجد ما يطعم به ضيوفه؛ فذبح
فرسه -وقد كانوا يأكلون لحم الخيل- وأطعمهم قبل أن يأكل هو.
وكانوا ينصرون المستغيث فإذا نادى إنسان، وقال: إني مظلوم اجتمعوا حوله
وردوا إليه حقه، وقد حدث ذات مرة أن جاء رجل يستغيث، وينادي بأعلى صوته في
زعماء قريش أن ينصروه على العاص بن وائل الذي اشترى منه بضاعته، ورفض أن
يعطيه ثمنها؛ فتجمع زعماء قريش في دار عبدالله بن جدعان وتحالفوا على أن
ينصروا المظلوم، ويأخذوا حقه من الظالم، وسموا ذلك الاتفاق حلف الفضول،
وذهبوا إلى العاص بن وائل، وأخذوا منه ثمن البضاعة، وأعطوه لصاحبه.
وفي هذا المجتمع ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة المعدن، نبيلة
النسب، جمعت ما في العرب من فضائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
نفسه: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة
واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسلم].
يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
رد: سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
نسب النبي صلى الله عليه وسلم
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن
كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام..
جده هاشم وحكاية الثريد:
كان عمرو بن عبد مناف الجد الأكبر للرسول صلى الله عليه وسلم رجلا كريمًا
فقد حدث في عصره أن نزل القحط بالناس، فلم يجدوا ما يأكلون، وكادوا يموتون
جوعًا، وبدأ كل إنسان يفكر في نجاة نفسه فقط، فالذي عنده طعام يحرص عليه
ويحجبه عن الناس، فذهب عمرو إلى بيته وأخرج ما عنده من الطعام، وأخذ يهشم
الثريد (أي: يكسر الخبز في المرق) لقومه ويطعمهم، فسموه (هاشمًا)؛ لأنه
كريم يهشم ثريده للناس جميعًا.
وعندما ضاق الرزق في مكة أراد هاشم أن يخفف عن أهلها، فسافر إلى الشام
صيفًا، وإلى اليمن شتاء؛ من أجل التجارة، فكان أول من علَّم الناس هاتين
الرحلتين، وفي إحدى الرحلات، وبينما هاشم في طريقه للشام مر بيثرب، فتزوج
سلمى بنت عمرو إحدى نساء بني النجار، وتركها وهي حامل بابنه عبد المطلب
لتلد بين أهلها الذين اشترطوا عليه ذلك عند زواجه منها.
جده عبدالمطلب وحكاية الكنز:
كان عبد المطلب بن هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسقي الحجيج
الذين يأتون للطواف حول الكعبة، ويقوم على رعاية بيت الله الحرام فالتف
الناس حوله، فكان زعيمهم وأشرفهم، وكان عبدالمطلب يتمنى لو عرف مكان بئر
زمزم ليحفرها؛ لأنها كانت قد ردمت بمرور السنين، ولم يَعُد أحد يعرف
مكانها، فرأى في منامه ذات ليلة مكان بئر زمزم، فأخبر قومه بذلك ولكنهم لم
يصدقوه، فبدأ عبدالمطلب في حفر البئر هو وابنه الحارث، والناس يسخرون
منهما، وبينما هما يحفران، تفجر الماء من تحت أقدامهما، والتف الناس حول
البئر مسرورين، وظن عبدالمطلب أنهم سيشكرونه، لكنه فوجئ بهم ينازعونه
امتلاك البئر، فشعر بالظلم والضعف لأنه ليس له أبناء إلا الحارث، وهو لا
يستطيع نصرته، فإذا به يرفع يديه إلى السماء، ويدعو الله أن يرزقه عشرة
أبناء من الذكور، ونذر أن يذبح أحدهم تقربًا لله.
حكاية الأبناء العشرة :
استجاب الله دعوة عبد المطلب، فرزقه عشرة أولاد، وشعر عبدالمطلب بالفرحة
فقد تحقق رجاؤه، ورزق بأولاد سيكونون له سندًا وعونًا، لكن فرحته لم تستمر
طويلا؛ فقد تذكر النذر الذي قطعه على نفسه، فعليه أن يذبح واحدًا من
أولاده، فكر عبدالمطلب طويلا، ثم ترك الاختيار لله تعالى، فأجرى قرعة بين
أولاده، فخرجت القرعة على عبدالله أصغر أولاده وأحبهم إلى قلبه، فأصبح
عبد المطلب في حيرة؛ أيذبح ولده الحبيب أم يعصى الله ولا يفي بنذره؟
فاستشار قومه، فأشاروا عليه بأن يعيد القرعة، فأعادها مرارًا، لكن القدر
كان يختار عبدالله في كل مرة، فازداد قلق عبدالمطلب، فأشارت عليه كاهنة
بأن يفتدي ولده بالإبل، فيجري القرعة بين عبدالله وعشرة من الإبل، ويظل
يضاعف عددها، حتى تستقر القرعة على الإبل بدلا من ولده، فعمل عبدالمطلب
بنصيحة الكاهنة، واستمر في مضاعفة عدد الإبل حتى بلغت مائة بعير، وعندئذ
وقعت القرعة عليها، فذبحها فداء لعبد الله، وفرحت مكة كلها بنجاة عبد
الله، وذبح له والده مائة ناقة فداءً له، وازداد عبد المطلب حبًّا لولده،
وغمره بعطفه
ورعايته.
أبوه عبدالله وزواجه المبارك من السيدة آمنة:
كان عبد الله أكرم شباب قريش أخلاقًا، وأجملهم منظرًا، وأراد والده
عبد المطلب أن يزوجه، فاختار له زوجة صالحة، هي السيدة آمنة بنت وهب بن
عبد مناف بن زهرة أطهر نساء بني زهرة، وسيدة نسائهم، والسيدة آمنة تلتقي
في نسبها مع عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وتمر
الأيام، ويخرج عبدالله في تجارة إلى الشام، بعد أن ترك زوجته آمنة حاملا
ولحكمة يعلمها الله، مات عبد الله قبل أن يرى وليده.
حكاية الفيل:
وذات يوم، استيقظ أهل مكة على خبر أصابهم بالفزع والرعب، فقد جاء ملك
اليمن أبرهة الأشرم الحبشي بجيش كبير، يتقدمه فيل ضخم، يريد هدم الكعبة
حتى يتحول الحجيج إلى كنيسته التي بناها في اليمن، وأنفق عليها
أموالا كثيرة، واقترب الجيش من بيت الله الحرام، وظهر الخوف والهلع على
وجوه أهل مكة، والتف الناس حول عبدالمطلب الذي قال لأبرهة بلسان الواثق من
نصر الله تعالى: (للبيت رب يحميه).
فازداد أبرهة عنادًا، وأصرَّ على هدم الكعبة، فوجه الفيل الضخم نحوها،
فلما اقترب منها أدار الفيل ظهره ولم يتحرك،، وأرسل الله طيورًا من السماء
تحمل حجارة صغيرة، لكنها شديدة صلبة، ألقت بها فوق رءوس جنود أبرهة
فقتلتهم وأهلكتهم. قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم
يجعل كيدهم في تضليل . وأرسل عليهم طيرًا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل
فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل] وفي هذا العام ولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
رد: سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
ميلاد الرسول وطفولته
في يوم الاثنين
الثاني عشر من شهر ربيع الأول الذي يوافق عام (571م) ولدت السيدة آمنة بنت
وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب غلامًا جميلا، مشرق الوجه، وخرجت ثويبة
الأسلمية خادمة أبي لهب -عم النبي صلى الله عليه وسلم- تهرول إلى سيدها
أبي لهب، ووجهها ينطق بالسعادة، وما كادت تصل إليه حتى همست له بالبشرى،
فتهلل وجهه، وقال لها من فرط سروره:
اذهبي فأنت حرة! وأسرع عبد المطلب إلى بيت ابنه عبد الله ثم خرج حاملا
الوليد الجديد، ودخل به الكعبة مسرورًا كأنه يحمل على يديه كلَّ نعيم
الدنيا، وأخذ يضمه إلى صدره ويقبله في حنان بالغ، ويشكر الله ويدعوه، وألهمه الله أن يطلق على حفيده اسم محمد.
حكاية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
جاءت المرضعات من قبيلة بني سعد إلى مكة؛ ليأخذن الأطفال الرُّضَّع إلى
البادية حتى ينشئوا هناك أقوياء فصحاء، قادرين على مواجهة أعباء الحياة،
وكانت كل مرضعة تبحث عن رضيع من أسرة غنية ووالده حي؛ ليعطيها مالاً
كثيرًا، لذلك رفضت كل المرضعات أن يأخذن محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنه
يتيم، وأخذته السيدة حليمة السعدية لأنها لم تجد رضيعًا غيره، وعاش محمد
صلى الله عليه وسلم في قبيلة بني سعد، فكان خيرًا وبركة على حليمة وأهلها،
حيث اخضرَّت أرضهم بعد الجدب والجفاف، وجرى اللبن في ضروع الإبل.
حكاية شق الصدر:
وفي بادية بني سعد وقعت حادثة غريبة، فقد خرج محمد صلى الله عليه وسلم ذات
يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية، وفي أثناء لعبهما ظهر
رجلان فجأة، واتجها نحو محمد صلى الله عليه وسلم فأمسكاه، وأضجعاه على
الأرض ثم شقَّا صدره، وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث
له، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ، ويحكى لها ما حدث.
فأسرعت حليمة السعدية وهي مذعورة إلى حيث يوجد الغلام القرشي فهو أمانة
عندها، وتخشى عليه أن يصاب بسوء، لكنها على عكس ما تصورت، وجدته واقفًا
وحده، قد تأثر بما حدث، فاصفر لونه، فضمته في حنان إلى
صدرها، وعادت به إلى البيت، فسألته حليمة: ماذا حدث لك يا محمد؟ فأخذ يقص
عليها ما حدث، لقد كان هذان الرجلان ملكين من السماء أرسلهما الله تعالى؛
ليطهرا قلبه ويغسلاه، حتى يتهيأ للرسالة العظيمة التي سيكلفه الله بها.
خافت حليمة على محمد، فحملته إلى أمه في مكة، وأخبرتها بما حدث
لابنها، فقالت لها السيدة آمنة في ثقة: أتخوفتِ عليه الشيطان؟ فأجابتها
حليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن
لابني
لشأنًا؛ لقد رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور، أضاء لي به قصور
الشام، وكان حَمْلُه يسيرًا، فرجعت به حليمة إلى قومها بعد أن زال الخوف
من قلبها، وظل عندها حتى بلغ عمره خمس سنوات، ثم عاد إلى أمه في مكة.
رحلة محمد صلى الله عليه وسلم مع أمه إلى يثرب:
وذات يوم، خرجت السيدة آمنة ومعها طفلها محمد وخادمتها أم أيمن من مكة
متوجهة إلى يثرب؛ لزيارة قبر زوجها عبد الله، وفاء له، وليعرف ولدها قبر
أبيه، ويزور أخوال جده من بني النجار، وكان الجو شديد الحر، وتحملت أعباء
هذه الرحلة الطويلة الشاقة، وظلت السيدة آمنة شهرًا في المدينة، وأثناء
عودتها مرضت وماتت وهي في الطريق، في مكان يسمى الأبواء، فدفنت فيه، وعادت
أم أيمن إلى مكة بالطفل محمد يتيمًا وحيدًا، فعاش مع جده عبدالمطلب، وكان عمر محمد آنذاك ست سنوات.
محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب:
بعد وفاة السيدة آمنة عاش محمد صلى الله عليه وسلم في ظل كفالة جده
عبدالمطلب الذي امتلأ قلبه بحب محمد، فكان يؤثر أن يصحبه في مجالسه
العامة، ويجلسه على فراشه بجوار الكعبة، ولكن عبدالمطلب فارق الحياة ومحمد في الثامنة من عمره.
محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب:
وتكفَّل به بعد وفاة جده عمه أبو طالب، فقام بتربيته ورعايته هو وزوجته
فاطمة بنت أسد، وأخذه مع أبنائه، رغم أنه لم يكن أكثر أعمام النبي صلى
الله عليه وسلم مالا، لكنه كان أكثرهم نبلا وشرفًا، فزاد عطفه على محمد
صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان لا يجلس في مجلس إلا وهو معه، ويناديه
بابنه من شدة حبه له.
رحلة إلى الشام:
خرج محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا، وتحركت القافلة، ومضت في
طريقها؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها (بصرى) وأثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب
اسمه (بُحَيْرَى) فلما رأى القافلة خرج إليها، ودقق النظر في وجه محمد صلى
الله عليه وسلم طويلا، ثم قال لأبي طالب: ما قرابة هذا الغلام منك؟ فقال
أبوطالب: هو ابني -وكان يدعوه بابنه حبًّا له- قال بحيرى: ما هو بابنك،
وما ينبغي أن يكون هذا الغلام أبوه حيًّا، قال أبو طالب: هو ابن أخي،
فسأله بحيرى: فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب: مات وأمه حبلى به؟ فقال له
بحيرى: صدقت! فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود!! فوالله لئن رأوه هنا
ليوقعون به شرًّا، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع أبو طالب
بالعودة إلى مكة وفي صحبته ابن أخيه محمد
يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
رد: سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
محمدعليه الصلاة والسلام في شبابه
كان الشباب في
مكة يلهون ويعبثون، أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان يعمل ولا يتكاسل؛
يرعى الأغنام طوال النهار، ويتأمل الكون ويفكر في خلق الله، وقد ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم -بعد أن أوتي النبوة- ذلك العمل، فقال: (ما بعث الله
نبيًّا إلا رعى الغنم) فقال أصحابه: وأنت؟ قال: (نعم، كنتُ أرعاها على
قراريط لأهل مكة) [البخاري] وكان الله -سبحانه- يحرسه ويرعاه على الدوام؛
فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب، فطلب من صاحب له أن يحرس أغنامه،
حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج،
فوقف عنده، فسلط الله عليه النوم، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي.
وعندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل
معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: اجعل إزارك على
رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى
السماء، ويقول: إزاري.. إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانًا.
التاجر الأمين:
وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر
مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف
التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله، وكانت السيدة
خديجة بنت خويلد -وهي من أشرف نساء قريش، وأكرمهن أخلاقًا، وأكثرهن مالا-
تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم، فسمعت عن محمد
وأخلاقه العظيمة، ومكانته عند أهل مكة جميعًا ، واحترامهم له؛ لأنه صادق
أمين، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال، فوافق محمد صلى الله
عليه وسلم وخرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام.
تحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات
الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت
شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدًا صلى الله عليه
وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل
تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من
أهل الحرم، فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، وباعت القافلة كل
تجارتها، واشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من
سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة.
وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدًا
وتقيه الحر، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد، وقد بدت على وجهه علامات
الدهشة والتعجب، وأخيرًا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها
مشتاقين؛ كل منهم يريد الاطمئنان على أمواله، وما تحقق له
من ربح، وحكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله
الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدًا في الطريق؛ لتقيه من الحر دون
سائر أفراد القافلة.
زواج محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة:
استمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد
صلى الله عليه وسلم وحسن أخلاقه، فتمنت أن تتزوجه، فأرسلت السيدة خديجة
صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه
وسلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا
الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها؛ فلما انتهوا إلى دار
خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس، فقال: (الحمد لله
الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بيتًا محجوجًا وحرمًا
آمنًا، وجعلنا أمناء بيته، وسُوَّاس حرمه، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن
ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفًا ونبلاً وفضلاً، وإن
كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها
من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ
عظيم، وخطر جليل) وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا
معًا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة
أولاد هم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبدالله، والقاسم، وبه يكنى
الرسول فيقال: أبو القاسم.
بناء الكعبة وقصة الحجر الأسود:
اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع
الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين
قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم
وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة
تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ
منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا
الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم،
فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء
القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة، عندئذ حمله
الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله
شر القتال.يتبع
كان الشباب في
مكة يلهون ويعبثون، أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان يعمل ولا يتكاسل؛
يرعى الأغنام طوال النهار، ويتأمل الكون ويفكر في خلق الله، وقد ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم -بعد أن أوتي النبوة- ذلك العمل، فقال: (ما بعث الله
نبيًّا إلا رعى الغنم) فقال أصحابه: وأنت؟ قال: (نعم، كنتُ أرعاها على
قراريط لأهل مكة) [البخاري] وكان الله -سبحانه- يحرسه ويرعاه على الدوام؛
فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب، فطلب من صاحب له أن يحرس أغنامه،
حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج،
فوقف عنده، فسلط الله عليه النوم، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي.
وعندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل
معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: اجعل إزارك على
رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى
السماء، ويقول: إزاري.. إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانًا.
التاجر الأمين:
وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر
مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف
التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله، وكانت السيدة
خديجة بنت خويلد -وهي من أشرف نساء قريش، وأكرمهن أخلاقًا، وأكثرهن مالا-
تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم، فسمعت عن محمد
وأخلاقه العظيمة، ومكانته عند أهل مكة جميعًا ، واحترامهم له؛ لأنه صادق
أمين، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال، فوافق محمد صلى الله
عليه وسلم وخرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام.
تحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات
الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت
شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدًا صلى الله عليه
وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل
تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من
أهل الحرم، فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، وباعت القافلة كل
تجارتها، واشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من
سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة.
وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدًا
وتقيه الحر، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد، وقد بدت على وجهه علامات
الدهشة والتعجب، وأخيرًا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها
مشتاقين؛ كل منهم يريد الاطمئنان على أمواله، وما تحقق له
من ربح، وحكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله
الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدًا في الطريق؛ لتقيه من الحر دون
سائر أفراد القافلة.
زواج محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة:
استمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد
صلى الله عليه وسلم وحسن أخلاقه، فتمنت أن تتزوجه، فأرسلت السيدة خديجة
صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه
وسلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا
الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها؛ فلما انتهوا إلى دار
خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس، فقال: (الحمد لله
الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بيتًا محجوجًا وحرمًا
آمنًا، وجعلنا أمناء بيته، وسُوَّاس حرمه، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن
ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفًا ونبلاً وفضلاً، وإن
كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها
من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ
عظيم، وخطر جليل) وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا
معًا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة
أولاد هم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبدالله، والقاسم، وبه يكنى
الرسول فيقال: أبو القاسم.
بناء الكعبة وقصة الحجر الأسود:
اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع
الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين
قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم
وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة
تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ
منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا
الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم،
فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء
القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة، عندئذ حمله
الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله
شر القتال.يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
رد: سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
الوحي
كان محمد صلى
الله عليه وسلم يكثر من الذهاب إلى غار حراء، فيجلس وحده فيه أيامًا
بلياليها؛ يفكر في خالق هذا الكون بعيدًا عن الناس وما يفعلونه
من آثام، ولقد كان يمشي تلك المسافة الطويلة ويصعد ذلك الجبل العالي، ثم
يعود إلى مكة ليتزود بالطعام ويرجع إلى ذلك الغار، وظل مدة لا يرى رؤيا
إلا وتحققت كما رآها، وبدأت تحدث له أشياء عجيبة لا تحدث لأي إنسان
آخر، فقد كان في مكة حَجَر يسلم عليه كلما مر به، قال صلى الله عليه وسلم:
(إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه
الآن) [مسلم].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس ذات يوم في الغار، وإذا بجبريل -عليه
السلام- ينزل عليه في صورة رجل ويقول له: اقرأ. وكان النبي صلى الله عليه
وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة، فخاف وارتعد، وقال للرجل: ما أنا
بقارئ. وإذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه
بشدة، ثم يتركه ويقول له: اقرأ. فقال محمد: ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة
ثالثة، فقال جبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ
وربك الأكرم} _[العلق:1-3]. فكانت هذه أولى آيات القرآن التي نزلت في شهر
رمضان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السنة الأربعين من عمره.
رجع محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعًا، ثم رقد وهو يرتعش، وطلب من
زوجته أن تغطيه قائلا: (زملونى، زملونى) وحكى لها ما رآه في الغار،
فطمأنته السيدة خديجة، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل
الرحم وتحمل الكلَّ (الضعيف) وتُكسب المعدوم، وتُقري (تكرم) الضيف، وتعين
على نوائب الحق، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى كلام السيدة
خديجة، عادت إليه الطمأنينة، وزال عنه الخوف والرعب، وبدأ يفكر فيما حدث.
حكاية ورقة بن نوفل:
وكان للسيدة خديجة ابن عم، اسمه (ورقة بن نوفل) على علم بالديانة المسيحية
فذهبت إليه ومعها زوجها؛ ليسألاه عما حدث، فقالت خديجة لورقة: يابن عم
اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله
عليه وسلم بالذي حدث في غار حراء، فلما سمعه ورقة قال: هذا الناموس الذي
كان ينزل على موسى، ثم أخبره (ورقة) أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره، ويكون
معه عندما يحاربه قومه، ويُخرجونه من مكة، فلما سمع الرسول صلى الله عليه
وسلم ذلك تعجب وسأل ورقة قائلا: أو مُخرجيَّ هم؟ فقال له: نعم، لم يأتِ
أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، ومنذ ذلك اليوم والرسول صلى الله عليه
وسلم يزداد شوقًا لوحي السماء الذي تأخر نزوله عليه بعد هذه المرة.
عودة الوحي:
وبعد فترة، وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذا به يسمع صوتًا،
فرفع وجهه إلى السماء، فرأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسًا على كرسي
بين السماء والأرض، فارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من هول المنظر،
وأسرع إلى المنزل، وطلب من زوجته أن تغطيه، قائلا: دثرونى . دثرونى، وإذا
بجبريل ينزل إليه بهذه الآيات التي يوجهها الله إليه: {يا أيها المدثر .
قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر} _[المدثر: 1-5] وفي
هذه الآيات تكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.
الدعوة إلى الإسلام سرَّا:
كان الناس في مكة يعبدون الأصنام منذ زمن بعيد، وقد ورثوا عبادتها عن
آبائهم وأجدادهم؛ فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام
سرَّا، وبدأ بأقرب الناس إليه، فآمنت به زوجته خديجة بنت خويلد، وآمن به
أيضًا ابن عمه علي بن أبي طالب، وكان غلامًا في العاشرة من عمره، وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقوم بتربيته، وكان صديقه أبو بكر
أول الذين آمنوا به من الرجال، وكان ذا مكانة عظيمة بين قومه، يأتي الناس
إليه ويجلسون
معه، فاستغل أبو بكر مكانته هذه وأخذ يدعو من يأتي إليه ويثق فيه
إلى الإسلام، فأسلم على يديه عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، والزبير ابن العوام، وطلحة بن عبيد الله .. وغيرهم.
ولم تكن الصلاة قد فرضت في ذلك الوقت بالكيفية التي نعرفها، ولكن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه الذين أسلموا سرًّا ركعتين قبل
طلوع الشمس وركعتين قبل الغروب، وذلك في مكان بعيد عن أعين
الكفار.
وذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في شِعبٍ من شِعَابِ
مكة، إذ أقبل عليهم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يؤمن
برسالته، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون، سأله عن هذا
الدين الجديد، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم به لأنه يثق في عمه ويأمل
أن يدخل الإسلام، ولكن أبا طالب رفض أن يترك دين آبائه وأجداده وطمأن
النبي صلى الله عليه وسلم وتعهد بحمايته من أعدائه، وأوصى ابنه عليًّا أن
يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم
يدعو قومه سرَّا، وعدد المسلمين يزداد يومًا بعد يوم، ويقوى الإيمان في
قلوبهم بما ينزله الله عليهم من القرآن الكريم، وظلوا هكذا ثلاث سنوات.يتبع
كان محمد صلى
الله عليه وسلم يكثر من الذهاب إلى غار حراء، فيجلس وحده فيه أيامًا
بلياليها؛ يفكر في خالق هذا الكون بعيدًا عن الناس وما يفعلونه
من آثام، ولقد كان يمشي تلك المسافة الطويلة ويصعد ذلك الجبل العالي، ثم
يعود إلى مكة ليتزود بالطعام ويرجع إلى ذلك الغار، وظل مدة لا يرى رؤيا
إلا وتحققت كما رآها، وبدأت تحدث له أشياء عجيبة لا تحدث لأي إنسان
آخر، فقد كان في مكة حَجَر يسلم عليه كلما مر به، قال صلى الله عليه وسلم:
(إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه
الآن) [مسلم].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس ذات يوم في الغار، وإذا بجبريل -عليه
السلام- ينزل عليه في صورة رجل ويقول له: اقرأ. وكان النبي صلى الله عليه
وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة، فخاف وارتعد، وقال للرجل: ما أنا
بقارئ. وإذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه
بشدة، ثم يتركه ويقول له: اقرأ. فقال محمد: ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة
ثالثة، فقال جبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ
وربك الأكرم} _[العلق:1-3]. فكانت هذه أولى آيات القرآن التي نزلت في شهر
رمضان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السنة الأربعين من عمره.
رجع محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعًا، ثم رقد وهو يرتعش، وطلب من
زوجته أن تغطيه قائلا: (زملونى، زملونى) وحكى لها ما رآه في الغار،
فطمأنته السيدة خديجة، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل
الرحم وتحمل الكلَّ (الضعيف) وتُكسب المعدوم، وتُقري (تكرم) الضيف، وتعين
على نوائب الحق، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى كلام السيدة
خديجة، عادت إليه الطمأنينة، وزال عنه الخوف والرعب، وبدأ يفكر فيما حدث.
حكاية ورقة بن نوفل:
وكان للسيدة خديجة ابن عم، اسمه (ورقة بن نوفل) على علم بالديانة المسيحية
فذهبت إليه ومعها زوجها؛ ليسألاه عما حدث، فقالت خديجة لورقة: يابن عم
اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله
عليه وسلم بالذي حدث في غار حراء، فلما سمعه ورقة قال: هذا الناموس الذي
كان ينزل على موسى، ثم أخبره (ورقة) أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره، ويكون
معه عندما يحاربه قومه، ويُخرجونه من مكة، فلما سمع الرسول صلى الله عليه
وسلم ذلك تعجب وسأل ورقة قائلا: أو مُخرجيَّ هم؟ فقال له: نعم، لم يأتِ
أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، ومنذ ذلك اليوم والرسول صلى الله عليه
وسلم يزداد شوقًا لوحي السماء الذي تأخر نزوله عليه بعد هذه المرة.
عودة الوحي:
وبعد فترة، وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذا به يسمع صوتًا،
فرفع وجهه إلى السماء، فرأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسًا على كرسي
بين السماء والأرض، فارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من هول المنظر،
وأسرع إلى المنزل، وطلب من زوجته أن تغطيه، قائلا: دثرونى . دثرونى، وإذا
بجبريل ينزل إليه بهذه الآيات التي يوجهها الله إليه: {يا أيها المدثر .
قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر} _[المدثر: 1-5] وفي
هذه الآيات تكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.
الدعوة إلى الإسلام سرَّا:
كان الناس في مكة يعبدون الأصنام منذ زمن بعيد، وقد ورثوا عبادتها عن
آبائهم وأجدادهم؛ فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام
سرَّا، وبدأ بأقرب الناس إليه، فآمنت به زوجته خديجة بنت خويلد، وآمن به
أيضًا ابن عمه علي بن أبي طالب، وكان غلامًا في العاشرة من عمره، وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقوم بتربيته، وكان صديقه أبو بكر
أول الذين آمنوا به من الرجال، وكان ذا مكانة عظيمة بين قومه، يأتي الناس
إليه ويجلسون
معه، فاستغل أبو بكر مكانته هذه وأخذ يدعو من يأتي إليه ويثق فيه
إلى الإسلام، فأسلم على يديه عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، والزبير ابن العوام، وطلحة بن عبيد الله .. وغيرهم.
ولم تكن الصلاة قد فرضت في ذلك الوقت بالكيفية التي نعرفها، ولكن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه الذين أسلموا سرًّا ركعتين قبل
طلوع الشمس وركعتين قبل الغروب، وذلك في مكان بعيد عن أعين
الكفار.
وذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في شِعبٍ من شِعَابِ
مكة، إذ أقبل عليهم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يؤمن
برسالته، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون، سأله عن هذا
الدين الجديد، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم به لأنه يثق في عمه ويأمل
أن يدخل الإسلام، ولكن أبا طالب رفض أن يترك دين آبائه وأجداده وطمأن
النبي صلى الله عليه وسلم وتعهد بحمايته من أعدائه، وأوصى ابنه عليًّا أن
يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم
يدعو قومه سرَّا، وعدد المسلمين يزداد يومًا بعد يوم، ويقوى الإيمان في
قلوبهم بما ينزله الله عليهم من القرآن الكريم، وظلوا هكذا ثلاث سنوات.يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
رد: سيرة الحبيب المصطفي صلى الله علية وسلم
مرحلة الدعوة الجهرية
أمر الله
سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة ويبدأ بعشيرته وأهله،
فقال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} _[الشعراء:214] فنادى الرسول صلى
الله عليه وسلم قريشًا، وقال: (يا بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني
عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار،
يا بني هاشم وبني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك
من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئًا إلا أن لكم رحمًا
سأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا (سَأصِلُها) ) _[مسلم].
ونزل هذا الكلام على قلوب الكفار نزول الصاعقة، فقد أصبحت المواجهة واضحة
بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه يطلب منهم أن يتركوا
الأصنام التي يعبدونها، وأن يتركوا الفواحش، فلا يتعاملون بالربا، ولا
يزنون، ولا يقتلون أولادهم، ولا يظلمون أحدًا، لكنهم قابلوا تلك الدعوة
بالرفض، وبدءوا يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعوته، فصبر صلى
الله عليه وسلم عليهم وعلى تطاولهم.
وذات مرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، فتطاول عليه بعض
الكفار بالكلام، ولكنه صبر عليهم ومضى، فلما مرَّ عليهم ثانية تطاولوا
عليه بمثل ما فعلوا، فصبر ولم يرد، ثم مرَّ بهم الثالثة، فتطاولوا عليه
بمثل ما فعلوا أيضًا، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: (أتسمعون يا معشر
قريش؟ أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذبح) فخاف القوم حتى إن أكثرهم
وقاحة أصبح يقول للرسول
صلى الله عليه وسلم بكل أدب: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولا.
وذات يوم، أقبل رجل من بلد اسمها (إراش) إلى مكة، فظلمه أبو جهل، وأخذ منه إبله، فذهب الرجل إلى نادي قريش يسألهم عن رجل ينصره على
أبي جهل، وهنا وجد الكفار فرصة للتسلية والضحك والسخرية من رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فأمروا الرجل أن يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ليأخذ له حقه، فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا
ينظرون إليه ليروا ما سيحدث، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجل
ليعيد له حقه من أبي جهل، فأرسلوا وراءه أحدهم؛ ليرى ما سوف يصنعه أبوجهل
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت
أبي جهل، وطرق بابه، فخرج أبو جهل من البيت خائفًا مرتعدًا، وقد تغير لونه
من شدة الخوف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطِ هذا الرجل
حقه) فرد أبو جهل دون تردد: لا تبرح حتى أعطيه الذي له، ودخل البيت
مسرعًا، فأخرج مال الرجل، فأخذه، وانصرف.
وعندما أقبل أبو جهل على قومه بادروه قائلين: ويلك! ما بك؟ فقال لهم:
والله ما هو إلا أن ضرب عليَّ وسمعت صوته فملئت منه رعبًا، ثم خرجت إليه،
وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيتُ مثلَه قط، فوالله لو أبَيتُ لأكلني.
[البيهقي]
وبدأ كفار قريش مرحلة جديدة من المفاوضات، فذهبوا إلى أبي طالب عم النبي
صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سبَّ
آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما
أن تخلى بيننا وبينه، فردَّ عليهم أبو طالب ردًّا رقيقًا، فانصرفوا عنه.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمر في إظهار دين الله ودعوة الناس
إليه، فجمع الكفار أنفسهم مرة أخرى وذهبوا إلى أبي طالب، فقالوا له: يا
أبا طالب، إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك
فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا،
وعيب
آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.
وأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال له: يابن أخي!
إن قومك قد جاءوني، وقالوا كذا وكذا فأَبقِ علىَّ وعلى نفسك، ولا تُحملني
من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لعمه: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني
والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه) فقال أبو
طالب: امضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله! لا أسلمك لشيء أبدًا.
لم يستطع المشركون أن يوقفوا مسيرة الدعوة للإسلام، ولم يستطيعوا إغراء
الرسول صلى الله عليه وسلم بالمال أو بالجاه، وقد خاب أملهم في عمه
أبي طالب، وها هو ذا موسم الحج يقبل، والعرب سوف يأتون من كل
مكان، وقد سمعوا بمحمد ودعوته، وسوف يستمعون إليه وربما آمنوا به
ونصروه، فتسرب الخوف إلى قلوب الكفار في مكة، وفكروا في قول واحد يتفقون عليه ويقولونه عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى يصرفوا العرب
عنه، فالتفوا حول الوليد بن المغيرة، وكان أكبرهم سنًّا؛ فقال أحدهم: نقول
إن محمدًا كاهن، فقال الوليد: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو
بزمزمة الكاهن ولا سجعه، فقالوا: نقول إن محمدًا مجنون، فقال لهم: ما هو
بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه، فقالوا: نقول إن محمدًا شاعر، فقال لهم:
ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله فما هو بالشعر، فقالوا: نقول ساحر، فقال
لهم: ما هو
بساحر، لقد رأينا السحرة وسحرهم وما هو منهم.
فقالوا للوليد بن المغيرة: فما تقول يا أبا عبد شمس؟ فأقسم لهم أن كلام
محمد هو أحلى الكلام وأطيبه، وما هم بقائلين من هذا شيئًا إلا عُرف أنه
باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا: إن محمدًا ساحر يفرق بين المرء وأخيه
وبين الرجل وزوجته والرجل وأبيه، فوافق الكفار على رأيه وانتشروا في موسم
الحج يرددون هذه الافتراءات بين الناس، حتى يصدوهم عن دعوة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله: {ذرني ومن
خلقت
وحيدًا . وجعلت له مالاً ممدودًا . وبنين شهودًا . ومهدت له تمهيدًا . ثم
يطمع أن أزيد . كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا . سأرهقه صعودًا . إنه فكر
وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر
واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه
سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحة للبشر . عليها تسعة عشر} _[المدثر:11-30].
إسلام عمر بن الخطاب:
دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بن
الخطاب، أو عمرو بن هشام، وكان عمر بن الخطاب قبل أن يسلم شديد الإيذاء
للمسلمين، وذات يوم حمل عمر سيفه، وانطلق يبحث عن محمد ليقتله، وفي الطريق
قابله رجل، وأخبره أن أخته فاطمة قد أسلمت هي وزوجها سعيد بن زيد، فاتجه
عمر غاضبًا نحو دار أخته، ودق الباب، وكان الصحابي خباب بن الأَرَتِّ -رضي
الله عنه- يعلِّم أخت عمر وزوجها القرآن الكريم، فلما سمعوا صوت عمر
امتلأت قلوبهم بالرعب والخوف، وأسرع خباب فاختبأ في زاوية من البيت، ودخل
عمر فقال: لقد أُخبرت أنكما تبعتما محمدًا على دينه، ثم ضرب زوج أخته،
وضرب أخته على وجهها حتى سال الدم من وجهها، ولكنها لم تخف، وقالت له في
ثبات وشجاعة: نعم أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت.
ندم عمر على ما صنع بأخته، وطلب منها الصحيفة التي كانوا يقرءون
منها، فقالت له: يا أخي إنك نجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقام عمر
فاغتسل، فأعطته الصحيفة، فقرأ عمر: بسم الله الرحمن الرحيم {طه . ما
أنزلنا عليكم القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلاً ممن خلق الأرض
والسموات العلى . الرحمن على العرش استوى . له ما في السموات وما في الأرض
وما بينهما وما تحت الثرى . وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر
وأخفى . الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} _[طه:1-8].
وكانت هذه الآيات نورًا جذب عمر إلى الإسلام وأضاء له طريق الحق، فما إن
قرأها حتى لان قلبه، وهدأ طبعه، وذهب عنه الغضب، وقال -والإيمان يفيض في
جوانحه-: ما أحسن هذا الكلام وما أكرمه، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه
وسلم وأعلن إسلامه، وبعد قليل من إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في وضح النهار بين عمر
بن الخطاب وحمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنهما- وامتنع أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم بهما، وكان المسلمون لا يقدرون أن يُصَلُّوا عند
الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم هو وحمزة بن عبدالمطلب صلى
المسلمون عند الكعبة.يتبع
أمر الله
سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة ويبدأ بعشيرته وأهله،
فقال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} _[الشعراء:214] فنادى الرسول صلى
الله عليه وسلم قريشًا، وقال: (يا بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني
عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار،
يا بني هاشم وبني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك
من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئًا إلا أن لكم رحمًا
سأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا (سَأصِلُها) ) _[مسلم].
ونزل هذا الكلام على قلوب الكفار نزول الصاعقة، فقد أصبحت المواجهة واضحة
بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه يطلب منهم أن يتركوا
الأصنام التي يعبدونها، وأن يتركوا الفواحش، فلا يتعاملون بالربا، ولا
يزنون، ولا يقتلون أولادهم، ولا يظلمون أحدًا، لكنهم قابلوا تلك الدعوة
بالرفض، وبدءوا يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعوته، فصبر صلى
الله عليه وسلم عليهم وعلى تطاولهم.
وذات مرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، فتطاول عليه بعض
الكفار بالكلام، ولكنه صبر عليهم ومضى، فلما مرَّ عليهم ثانية تطاولوا
عليه بمثل ما فعلوا، فصبر ولم يرد، ثم مرَّ بهم الثالثة، فتطاولوا عليه
بمثل ما فعلوا أيضًا، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: (أتسمعون يا معشر
قريش؟ أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذبح) فخاف القوم حتى إن أكثرهم
وقاحة أصبح يقول للرسول
صلى الله عليه وسلم بكل أدب: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولا.
وذات يوم، أقبل رجل من بلد اسمها (إراش) إلى مكة، فظلمه أبو جهل، وأخذ منه إبله، فذهب الرجل إلى نادي قريش يسألهم عن رجل ينصره على
أبي جهل، وهنا وجد الكفار فرصة للتسلية والضحك والسخرية من رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فأمروا الرجل أن يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ليأخذ له حقه، فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا
ينظرون إليه ليروا ما سيحدث، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجل
ليعيد له حقه من أبي جهل، فأرسلوا وراءه أحدهم؛ ليرى ما سوف يصنعه أبوجهل
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت
أبي جهل، وطرق بابه، فخرج أبو جهل من البيت خائفًا مرتعدًا، وقد تغير لونه
من شدة الخوف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطِ هذا الرجل
حقه) فرد أبو جهل دون تردد: لا تبرح حتى أعطيه الذي له، ودخل البيت
مسرعًا، فأخرج مال الرجل، فأخذه، وانصرف.
وعندما أقبل أبو جهل على قومه بادروه قائلين: ويلك! ما بك؟ فقال لهم:
والله ما هو إلا أن ضرب عليَّ وسمعت صوته فملئت منه رعبًا، ثم خرجت إليه،
وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيتُ مثلَه قط، فوالله لو أبَيتُ لأكلني.
[البيهقي]
وبدأ كفار قريش مرحلة جديدة من المفاوضات، فذهبوا إلى أبي طالب عم النبي
صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سبَّ
آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما
أن تخلى بيننا وبينه، فردَّ عليهم أبو طالب ردًّا رقيقًا، فانصرفوا عنه.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمر في إظهار دين الله ودعوة الناس
إليه، فجمع الكفار أنفسهم مرة أخرى وذهبوا إلى أبي طالب، فقالوا له: يا
أبا طالب، إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك
فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا،
وعيب
آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.
وأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال له: يابن أخي!
إن قومك قد جاءوني، وقالوا كذا وكذا فأَبقِ علىَّ وعلى نفسك، ولا تُحملني
من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لعمه: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني
والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه) فقال أبو
طالب: امضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله! لا أسلمك لشيء أبدًا.
لم يستطع المشركون أن يوقفوا مسيرة الدعوة للإسلام، ولم يستطيعوا إغراء
الرسول صلى الله عليه وسلم بالمال أو بالجاه، وقد خاب أملهم في عمه
أبي طالب، وها هو ذا موسم الحج يقبل، والعرب سوف يأتون من كل
مكان، وقد سمعوا بمحمد ودعوته، وسوف يستمعون إليه وربما آمنوا به
ونصروه، فتسرب الخوف إلى قلوب الكفار في مكة، وفكروا في قول واحد يتفقون عليه ويقولونه عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى يصرفوا العرب
عنه، فالتفوا حول الوليد بن المغيرة، وكان أكبرهم سنًّا؛ فقال أحدهم: نقول
إن محمدًا كاهن، فقال الوليد: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو
بزمزمة الكاهن ولا سجعه، فقالوا: نقول إن محمدًا مجنون، فقال لهم: ما هو
بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه، فقالوا: نقول إن محمدًا شاعر، فقال لهم:
ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله فما هو بالشعر، فقالوا: نقول ساحر، فقال
لهم: ما هو
بساحر، لقد رأينا السحرة وسحرهم وما هو منهم.
فقالوا للوليد بن المغيرة: فما تقول يا أبا عبد شمس؟ فأقسم لهم أن كلام
محمد هو أحلى الكلام وأطيبه، وما هم بقائلين من هذا شيئًا إلا عُرف أنه
باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا: إن محمدًا ساحر يفرق بين المرء وأخيه
وبين الرجل وزوجته والرجل وأبيه، فوافق الكفار على رأيه وانتشروا في موسم
الحج يرددون هذه الافتراءات بين الناس، حتى يصدوهم عن دعوة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله: {ذرني ومن
خلقت
وحيدًا . وجعلت له مالاً ممدودًا . وبنين شهودًا . ومهدت له تمهيدًا . ثم
يطمع أن أزيد . كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا . سأرهقه صعودًا . إنه فكر
وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر
واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه
سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحة للبشر . عليها تسعة عشر} _[المدثر:11-30].
إسلام عمر بن الخطاب:
دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بن
الخطاب، أو عمرو بن هشام، وكان عمر بن الخطاب قبل أن يسلم شديد الإيذاء
للمسلمين، وذات يوم حمل عمر سيفه، وانطلق يبحث عن محمد ليقتله، وفي الطريق
قابله رجل، وأخبره أن أخته فاطمة قد أسلمت هي وزوجها سعيد بن زيد، فاتجه
عمر غاضبًا نحو دار أخته، ودق الباب، وكان الصحابي خباب بن الأَرَتِّ -رضي
الله عنه- يعلِّم أخت عمر وزوجها القرآن الكريم، فلما سمعوا صوت عمر
امتلأت قلوبهم بالرعب والخوف، وأسرع خباب فاختبأ في زاوية من البيت، ودخل
عمر فقال: لقد أُخبرت أنكما تبعتما محمدًا على دينه، ثم ضرب زوج أخته،
وضرب أخته على وجهها حتى سال الدم من وجهها، ولكنها لم تخف، وقالت له في
ثبات وشجاعة: نعم أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت.
ندم عمر على ما صنع بأخته، وطلب منها الصحيفة التي كانوا يقرءون
منها، فقالت له: يا أخي إنك نجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقام عمر
فاغتسل، فأعطته الصحيفة، فقرأ عمر: بسم الله الرحمن الرحيم {طه . ما
أنزلنا عليكم القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلاً ممن خلق الأرض
والسموات العلى . الرحمن على العرش استوى . له ما في السموات وما في الأرض
وما بينهما وما تحت الثرى . وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر
وأخفى . الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} _[طه:1-8].
وكانت هذه الآيات نورًا جذب عمر إلى الإسلام وأضاء له طريق الحق، فما إن
قرأها حتى لان قلبه، وهدأ طبعه، وذهب عنه الغضب، وقال -والإيمان يفيض في
جوانحه-: ما أحسن هذا الكلام وما أكرمه، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه
وسلم وأعلن إسلامه، وبعد قليل من إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في وضح النهار بين عمر
بن الخطاب وحمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنهما- وامتنع أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم بهما، وكان المسلمون لا يقدرون أن يُصَلُّوا عند
الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم هو وحمزة بن عبدالمطلب صلى
المسلمون عند الكعبة.يتبع
الوان الورد- مشرفة
- المشاركات : 117
المزاج : عال العال
نقاط : 122600
ريـــمــاس قـــــلــــــب الألــــمــــاس :: ][||ioi||][الأقسـام الإسـلاميـة ][||ioi||][ :: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أغسطس 27, 2011 11:48 am من طرف الأموره
» أسياخ الدجاج المتبل
السبت أغسطس 27, 2011 11:39 am من طرف الأموره
» وسع صدرك!!!
السبت أغسطس 27, 2011 11:35 am من طرف الأموره
» اسرارسورة الاخلاص
السبت أغسطس 27, 2011 11:27 am من طرف الأموره
» ×× تحذير من نفخ البالونات××
السبت أغسطس 27, 2011 11:24 am من طرف الأموره
» قصة من مخيلتي
السبت أغسطس 27, 2011 11:20 am من طرف الأموره
» نصيحه مني سجلو وربي ما راح تندمو
الخميس أغسطس 25, 2011 8:07 pm من طرف الأموره
» شوفوها بس لاتكلوها لانها من الصوف
الخميس أغسطس 25, 2011 7:04 am من طرف الأموره
» سبب محبة الناس لك
السبت أغسطس 13, 2011 6:44 pm من طرف الأموره